موعدنا في سهل نينوى

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
20/08/2011 06:00 AM
GMT



معاضدة رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون خالد العطية طلب إنشاء محافظة، مكانها سهل نينوى، مغلقة للأقليات العرقية والدينية معاضدة تستحق الإشادة والتقدير، لأنها تفصح كثيرا عن "رأي حكيم" لسياسي خبر الحياة والقدرة على إدارتها معا، فهو يؤكدها صريحة، بأن الحياة هناك أجمل، أكثر رقيا مثلما يؤكد على أن الحكومة عاجزة عن حماية موطنيها من الأقليات،لأنها عاجزة عن حماية الأكثرية.

وبغض النظر عن رأي فخامة الرئيس أسامة النجيفي الذي يقول بأن حدود محافظة نينوى خط أحمر، مثمنين جهده في الحفاظ على حدود وجغرافيا الوطن، لكنه يحيلنا إلى فكرة الإقليم السني التي دعا إليها، قبل ثلاثة شهور، ثم استهجنها فيما بعد، حيث قامت القيامة ضده، القضية التي تحيلنا عن قرب لمعاينة حقوق الأقليات العراقية.

يقول العطية: استحداث المحافظة لا يؤثر على وحدة العراق بأي شكل من الأشكال، بل يزيد من الثقة لدى المكونات الأصيلة فيها، لغرض بقائهم على أرض الوطن وعدم التفكير بالهجرة إلى أرض الشتات"، مبديا "استعداده لدعم المشروع".

ونقول أيضا: إذا قيض للمشروع هذا النجاح فلنأخذ بالحسبان أن المحافظة هذه ستكون ملاذا آمنا لكل من تضيق به الحياة، من أبناء شعبنا، في المحافظات الأخرى، لذا فليدخل ضمن قانون تشريعها، أن الرقعة هذه تقبل المسلم وغير المسلم، العربي وغير العربي، لأن كثيرا من المسلمين السنة على سبيل المثال في البصرة والجنوب سيحلمون بالعيش هناك، وكثيرا من المسلمين الشيعة في الرمادي والموصل وربما العرب في كركوك، وربما الصابئة في العمارة والناصرية سيحلمون أيضا.

ستفرز المحافظة (الحلم) هذه طموحات كثيرة، إذ وبسبب من التضييق الديني -السياسي-الإجتماعي-الثقافي-الحضري..الذيي يعاني منه المثقف الحر، العلماني، إبن المدينة، الخارج من العشيرة، المنبوذ من طائفته، الكاره للحكومة... يتوجب على القانون هذا أن يجد حلا لهؤلاء جميعا، إذ ليس المسيحي أو الأيزيدي أو الشبكي... من يجد الحرج بالعيش في مكانه، كل هؤلاء يجدون الحرج والضيق والتهديد والمعاناة، فهم يشعرون بوجودهم غير الآمن في ديارهم، لأنهم خارجون، بالأساس على قيم طوائفهم، على أنساق مجتمعاتهم المتخلفة، والتي تزيد ضيقهم العام ضيقا.

معلوم، أن الحياة لا تنحصر بالعبادة، كذلك الموت لا يعني خروج الروح من البدن، عبر القتل بالمسدس والبندقية والمركبة المفخخة وإنما يتعداه إلى الموت في الحركة والسعي والسلوك والممارسة داخل المكان، كذلك إلى الحديث والزي والأكل والشرب والنوم والصداقة وحرية الكلام والاحتجاج ..إلخ، وقد يجد البعض ممن لا يقرأون بين السطور المبالغة فيما نقول، لكننا نؤكد بأن أكثر من امرأة في البصرة تقضي الساعات الطوال أمام التلفزيون، في المطبخ في غرفة النوم غير قادرة على الخروج حاسرة الرأس، ببنطلون جينز وتي شيرت جميل إلى سوق المغايز؟ لأن (العرف) إذا لم نقر بوجود من يمنعها علنا، وعلى رؤوس الأشهاد، يحول دون خروجها، هل من محتج على ذلك؟

منذ عشر سنوات، أو أكثر لم يُشاهد الفنان طارق الشبلي، الملحن المعروف حاملا عوده، وأدمى قلوب من حضروا ليلة إلى كازينو شط العرب قبل أسبوعين بقوله: صارت زوجاتنا وبناتنا (يتعيرن) بنا، صرنا عار أسرنا، هكذا ينظر للفنان في مجتمع البصرة اليوم، وكذلك ينظر للشاعر والرسام والموسيقي، ترى ما حال الراقصات والراقصين في فرقة البصرة للفنون الشعبية، ماحال فرق الخشابة (الطبال،عازف الناي، الكاسور..) والأمر لا يختلف مع سيدة المجتمع إذا كانت سافرة، لا يختلف مع ابن المدينة إذا دخل مضيف احد الشيوخ ببنطلون وشارب حليق، لا يختلف مع البنت الصغيرة، ذات العشر سنوات، التي توبخها معلمتها على عدم إرتدائها الحجاب .

ربما لا يجد كثير من المهمشين في حياتنا اليوم حلما أكبر من حلمهم بحياة آمنة في المحافظة الموعودة، ربما تكون أحلامنا افلاطونية جدا، لكن الحقيقة أكبر من ذلك بكثير، إيها المنبوذون في المدن، أيها الخارجون من الكتب والشعائر والقيم والعادات والمفاهيم المقدسة وغير المقدسة، مرحبا بكم في سهل نينوى، حيث ولد أجدادنا القدماء هناك أحرارا من عبودية كثير من الآلهة، ولما كبروا صاروا أبطالا وعظماء، أنتم يامن تسعون للحرية بأي معانيها.. أيدوا الشيخ العطية في دعوته، قبل أن يعدل عن رأيه.